أصبح الأرنب نشيطاً يقفز هنا وهناك، وبعد أن نشَّط جسمه بالرياضة أخذ ينظف بيته ويرتبه وهو يقول:
الله الله ، ليس هناك بيت في الغابة أجمل من بيتي ، بيتي نظيفٌ جداً ورائع ، أنظفه باستمرار وأرتبه ، أجعل للطعام مكاناً ، وللنوم مكاناً ، وللقراءة مكاناً ، ولا شك أن الله سيرضى عني ، وأنني سأفوز بجائزة أجمل بيتٍ في الغابة.
مر الديك وهو طبيب الغابة يمشي في نشاط وحيوية فحيا الأرنب قائلاً:
السلام عليكم أيها الأرنب النشيط ، ما شاء الله ولا قوة إلا بالله ، بيتك نظيف ومرتب ورائع ، بل وتهب منه رائحة عطرية جميلة.
فرد الأرنب في سرور وقال:
شكراً يا طبيب الغابة الهمام ، كل هذا بفضل الله ثم تعليماتك
فقال الديك:
الشكر لله يا أرنوب
ثم نظر إلى البيت المقابل الذي يسكن فيه دبدوب جار أرنوب وقال:
هل يمكنك يا صديقي أن تصحبني إلى بيت صديقك وجارك دبدوب ، فيبدو أنه مازال نائماً رغم كثرة صياحي في كل أرجاء الغابة منذ طلوع الفجر ، وأنت تعرف تعليمات ملك الغابة ، أنه لابد من إيقاظ كل سكان الغابة مبكراً.
فقال الأرنب:
بكل سرور يا سيدي الطبيب
ثم توجه الديك والأرنب إلى بيت الدب وأخذا يناديان عليه فلم يرد وبعد فترة سمعوا صوت الدب يأتي ضعيفاً من الداخل وهو يتأوه ويطلب منهم إنقاذه.
دخل الديك ومعه الأرنب فوجدا الدب ملقى على الأرض يتلوى من شدة الألم فقال الأرنب:
مالك يا دبدوب يا أعز أصدقائي ، سلمك الله من كل سوء
فرد دبدوب وهو يتألم : المغص يقطع أمعائي يا أرنوب ، أنقذني
قال الأرنب : لا تخف ، الحمد لله أن طبيب الغابة الماهر جاء معي ، وسوف يقدم لك الدواء الشافي بإذن الله
وهنا تدخل الديك وأخذ يفحص الدب ثم قال: إنها حالة تسمم ، قل لي يا دبدوب ، ماذا أكلت ، وما هذه الرائحة النتنة التي تنبعث من بيتك ، ولماذا يبدو بيتك بدون ترتيب أو نظافة ؟
رد الدب وهو في غاية الإحراج:
سامحني يا سيدي الطبيب ، أنا لم أنفذ تعليماتك التي أمرت بها عن النظافة والنظام ، وقد عاد هذا عليَّ بأسوأ الأحوال ، ولأنني كسول بطبعي فقد أكلت في العشاء أسماكاً تبقت لدي منذ أول أمس ولم أذهب إلى النهر لأحضر طعامي طازجاً يوماً بيوم .
فقال الديك : وأين كنت تحفظ هذه الأسماك يا دبدوب ؟
فقال دبدوب وهو خجلان من نفسه : حفظتها في الحمام
فضحك الأرنب قائلاً : الطعام في الحمام يا دبدوب ؟ لابد إذن أنك تنامُ في المطبخ ، وتقضي حاجتك في السرير.
فرد دبدوب غاضباً: دعني وشاني يا أرنوب ، فأنا مريض ولا تنقصني مشاغبتك.
وهنا قال الديك : لا عليك ، ليس الآن وقت الحساب ، دلنا على مكان عش النحل الذي تربيه ليحضر لك أرنوب بعض العسل لنعالجك به.
فسكت دبدوب فترة متأسفاً وقال : النحل ؟ يا حسرتي على النحل ، لقد هرب مني منذ زمن لأنني لم أحترم اتفاقي معه بألا آكل العسل إلا وقت القطاف ، فكنت آكل العسل أولاً بأول فأفسدت عليه الخلية.
فقال الديك وهو في غاية الضيق : هذا شيء مؤسف جداً ، ولكن على كل حال لابد لنا من مساعدتك ، فقم لترقد أمام بيتك حتى ننظفه ونرتبه أنا وأرنوب.
فبكى دبدوب وقال : أنا لا أستحق منكما هذه المعاملة الكريمة ، وعقاباً لي فلن ينظف البيت غيري.
فقام الديك بفتح حقيبته وأخرج منها بعض الحبوب وقال للدب :
إذن عليك بتناول هذا الدواء وسوف تعود إليك العافية بعد ساعة ، ووقتها تستطيع أن تنظف بيتك وترتبه.
فرد دبدوب وهو يتناول الدواء : حسناً ، شكراً لكما ، وأرجو منكما المرور عليَّ بعد ساعتين وستجدون أن بيتي أصبح الأنظف والأجمل في الغابة.